بعيدا أن أخبار
القيل والقال عن الفرق الرياضية واللاعبين والدوريات. هذه مقالة رياضية ساخرة لا تهدف سوى إلى رسم ابتسامة
بسيطة على شفتي القارئ. دون أغراض أخرى دنيئة، قد يراها البعض كوميدية ومضحكة، وقد
يراها البعض الآخر تافهة وسخيفة. كما أرى أنا. لكن يجب أن نتفق على أن هذه المقالة بريئة جدا، لدرجة
أن من سيبحث عن أدلة براءتها سيجد الكثير من أدلة الإدانة إلى أن تثبت براءتها أو
العكس، وطبعا إن كان من النوع الذي يبحث قبل أن تقوده أنانيته للنطق من الفراغ. لكنها حقا مقالة
لم أكتبها تأثرا بمشاعر حب أو كراهية تجاه أي فريق أو لاعب، حتى وإن بدا أنها تحمل
مشاعر كراهية وحقد تجاه الجميع.
( كل من زاويته ولمحكمتكم الموقرة واسع النظر).
لا يوجد مجال للشك
أن جمهور كرة القدم أصيب بهوس المقارنات، هذا الهوس الذي قدم لهم متعة جديدة، لكنه
قتل متعة اللعبة الحقيقية، وازداد هوس المقارنات بشدة في السنوات الأخيرة بسبب كريستيانو
رونالدو وليونيل ميسي، لم تتوقف المقارنات بينهما، والشجارات بسببهما. وأصبحت قضية
(أفضل لاعب في التاريخ) من أهم القضايا التي تسيطر على عقول الجماهير، رغم أنه صراع
الوهم في عالم الوهم.
فما هو معروف وشائع وما يتوجب أن
يحدث، هو أن بعض عشاق كرة القدم يشاهدون المباريات ليستمتعوا بها فقط، هذا اللاعب رائع،
وذاك اللاعب أيضا رائع، من الأفضل؟ لا يهم لماذا نهدر وقتا كبيرا لنثبت شيئا لا نستطيع
أن نثبته؟ ولو استطعنا فلن نستفيد شيئا.ولماذا نستمتع بلاعب ونكره الآخر رغم أننا نستطيع أن نستمتع
بكليهما؟ هذا الهدف جميل، وذلك الهدف أيضا جميل، أيهما أجمل؟ ربما الأول، وربما الثاني،
الشيء المهم هو أن كليهما جميل، وربما نجيب على السؤال عندما يخترع أحد العلماء مقياسا
لجمال الأهداف.
وفي الجهة الآخرى يوجد
مشاهدون يشاهدون المباريات وهم يبحثون عن تلك المقارنات، يشاهدون تألق لاعب فيؤكدون
أنه أفضل من لاعب آخر، أو أن لاعبا آخر أفضل منه، يتألق اللاعب الذي يحبونه فيستمتعون
بتألقه، ويؤكدون أنه الأفضل للمرة المليون
ولا يملون أو يكلون من تكرار نفس العبارات وعندما يشاهدون تألق لاعب لا يحبونه، يصيبهم
الحزن ويصفون ما يقدمه بالشيء العادي، ويؤكدون أن هناك لاعبين آخرين يقدمون أشياء أفضل،
ويرفضون الاستمتاع بما يقدمه.
ولقد توصلت إلى حقيقة مفادها أن مشجع كرة القدم أصبح يخوض كثيرا من المعارك يوميا بلا سبب واضح،
يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، يقرأ منشورا يعبر عن وجهة نظر لا تعجبه فيرد عليه ويحاول
أن يثبت خطأ كاتبه، يقرأ تعليقا يخالف وجهة نظره فيتشاجر مع صاحبه، ويذهب مهرولا إلى
مواقع الإحصائيات ليستشهد بالأرقام والإنجازات التي يتفوق فيها اللاعب الذي يحبه، ويتجاهل
الأرقام التي يتفوق فيها اللاعب الذي لا يحبه.
ورأينا من يجلس على المقهى
فيسمع أحد الجالسين يقول كلاما لا يتفق معه، فيتدخل ليعلمه أساسيات كرة القدم ويحاول
أن يقنع صديقه في كل يوم أن هذا اللاعب أفضل من ذاك، وأحيانا يحشر أنفه في فيما
تناقشه مجموعة دون أن تربطه بهم أية صلة لا من بعيد ولا من قريب. تمر أعوام ولا يقتنع صديقه، لكنه لا ييأس ولا يصاب
بالملل بل يستمر في فعل ذلك طوال اليوم، في كل مكان، كلما
أتيحت الفرصة، ينتهي اليوم ولا يؤدي مجهوده إلى شيء، فيكرر ما فعله في اليوم التالي.
وإذا أمعنت النظر في
هذه الظاهرة ستفهم أن هذا المشجع يشعر أنه مكلف برسالة عظيمة، ويجب أن تصل الرسالة
إلى جميع أنحاء العالم، من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، ولن يرضى حتى يؤمن
العالم أجمع بما يؤمن به. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: من كلفه بهذه الرسالة؟ وبكل بساطة
فالجواب هو أنه هو من كلف نفسه بها. ولن تصل رسالته أبدا، فلن يغير أحد رأيه، ولن يعترف
أحد بالهزيمة في هذه المعركة الوهمية التي لا و لن تنتهي.
هذا السؤال الذي لا طالما سمعناه وسمعناه إلى أن
مل منه الملل نفسه "من أفضل لاعب في العالم أو في التاريخ أو في الجغرافيا او
في الفيزياء أو في النشاط العلمي؟ هل تعتمد الإجابة على قواعد معينة؟ طبعا لا ثم
قطعا لا، هل يقاس الأمر بعدد الأهداف أو بعدد البطولات؟ طبعا لا، هل توصل العلماء إلى
طريقة علمية دقيقة لقياس قيمة اللاعبين؟ أكيد لا، وما جوائز الفيفا إلا اختيارات أشخاص
لهم وجهات نظر مختلفة، وليست باختيارات مقدسة. هل يحتاج كوكب الأرض -أو أي قرطة حنة أخرى- إلى الإجابة
على هذا السؤال المصيري؟! بالتأكيد لا.
وغالبا ما سمعنا
إجابة مشجع متعصب: “لكن الأمر لا يخضع لاختلاف وجهات النظر، إنه حقيقة واضحة. يا اخي
"راه غير بالمهل كيتكال الدنجال". لاحظ معي، إذا كان الأمر حقيقة مؤكدة، فمن المؤكد أنه سيراها الجميع
بوضوح إلا الأغبياء. فلماذا تصر أيها المشجع على المناقشة مع من تعتقد أنهم أغبياء؟ هل الجدال مع الأغبياء دليل على الذكاء؟ هل تجادل
الآخرين لتثبت لهم أن فرنسا تقع في قارة أوروبا. أو أن الشمس تشرق في الصباح؟ أو أن
الإمبراطورية توفر الفرجة بالمجان؟
بناءا على هذا، اعلم
أيها المشجع أنه لن يغير أحد رأيه، ولا يحتاج المشجع إلى آراء الآخرين، فلماذا تحتاج
إلى تغييرها؟ ولو آمنت الجماهير كلها بوجهة نظرك الحكيمة، فماذا ستستفيد؟ ولو كنت أنت
الوحيد في العالم الذي يؤمن بوجهة نظر معينة، فماذا ستخسر؟ لن تستفيد شيئا ولن تخسر
شيئا، فلماذا تجهز أسلحتك وتخوض تلك المعارك يوميا؟
إذا كنت تشعر بأن هذا
السؤال مهم " من أفضل لاعب في التاريخ؟ " ، فالإجابة بسيطة وسهلة، أفضل لاعب
هو اللاعب الذي تعتقد أنت أنه الأفضل، فأنت شخص مستقل. ولك عينان وعقل ولا تحتاج إلى آراء الآخرين، سواء
كانوا يتفقون مع رأيك أو يختلفون معه، لن تفكر بعقول الآخرين، ولن ترى بأعينهم، ولن
تخسر شيئا إذا كان شخص آخر يعتقد أن "أزوس بازوس" هو أفضل لاعب في التاريخ.
مقال يستحق القراءة فعلا ، وحينما نقول القراءة هذا يعني القراءة مع التأمل في فوارق المعنى وتناقضات الجمل ، وهذا لا
RépondreSupprimerيعني أنني أقر بالتناقضات بل لأنني لا أجد لها المصطلح المناسب ، وإذا إعتبرنا أن هذا هو المستوى الحقيقي للمحررين القائمين على الإمبراطورية فإننا قد نشارك المحتوى مع أكبر المجلات والجرائد المكتوبة والإلكترونية دون أن نخجل لأنها قابلة للترجمة بل ربما لو كانت من البداية باللغة الإنجليزية لتم إعتبارها مصدرا تحليليا موثوقا ومرموقا