باتت السيطرة والاستحواذ على الكرة
في ملاعب كرة القدم من أهم علامات كرة القدم الحديثة، حيث إن لم يسيطر الفريق على
الكرة بنسبة عالية طيلة مجريات اللقاء فلن يقتنع جماهيره حتى لو انتصر، والعديد من
عشاق المستديرة أصبحوا يعتبرون نسبة الاستحواذ كمعيار لتفوق فريق على الآخر، إذ أصبحت
عقلية السيطرة على الكرة وحرمان الخصم منها تشغل بال معظم مدربي العالم.
فعلى سبيل المثال، بالاستحواذ حقق برشلونة سداسيته التاريخية وصنع فريقا لا
يقهر في عهد بيب جوارديولا المدرب الحالي لنادي مانشستر سيتي، ومع نفس المدرب اكتسح
البافاري بايرن ميونخ البطولات المحلية في ألمانيا، كذلك تمكن فريق السيتيسنز من التتويج
بلقب تاريخي وذلك بفوزه في الدوري الإنجليزي بأرقام قياسية.
ولم يقتصر الأمر على فرق بيب جوارديولا، فالفريق الملكي ريال مدريد مثلا كان
من أكثر الفرق استحواذا على الكرة في أوروبا خلال السنوات الأخيرة وحقق إنجازات لم
يسبق لها مثيل في عالم كرة القدم بعد فوزه بدوري أبطال أوروبا 3 مرات على التوالي،
بالرغم من أنه لم يسجل أرقام مرعبة بالاستحواذ إلا أنه كان الطرف الأكثر تحكما بالكرة
في معظم المباريات.
فالجميع يتفق على أن السيطرة على الكرة هي أداة تستخدمها الفرق القوية لتقضي
على الخصوم نفسيا وبدنيا، وتمنعهم من شن الهجمات على مرمامهم، حيث من السذاجة نسب إنجازات
هذه الفرق لقدرتها على الاستحواذ فقط، لكن أسباب النجاح لا علاقة لها بالاستحواذ وإنما
في الحقيقة بجودة اللاعبين وخطط المدرب التكتيكية وعناصر أخرى أيضا من ضمنها الحظ.
مونديال روسيا 2018 جاء ليزكي أن الاستحواذ على الكرة لا يعني شيء في كرة القدم
إن لم تكن هناك رؤية واضحة لكيفية إيصال الكرة لمنطقة الجزاء، أو إن لم تكن تملك تشكيلة
من الاعبين القادرين على الحسم أمام المرمى. حيث شاهدنا أن أكثر المنتخبات استحواذا
على الكرة في دور المجموعات كمعدل عام في المباراة الواحدة هي المغرب ضد البرتغال(68%)، إسبانيا (67%)، ألمانيا (65%)، الأرجنتين
(62%)، البرازيل (59%) وأخيرا المنتخب السعودي (57%).
ولو ركزنا قليلا سنلاحظ أن هناك منتخبين من أكثر 5 منتخبات استحواذا قد ودعوا
دور المجموعات، والثلاثة الآخرين انتظروا المباراة الأخيرة لكي يحسموا تأهلهم لدور
الـ16، وهناك 6 مباريات تمكن فيها طرف من الاستحواذ بنسبة أكثر من 60%، 3 منها خسرها
الفريق المستحوذ وواحدة انتهت بالتعادل، ومباراتان فقط حقق فيهم الانتصار الطرف المستحوذ.
وجدير بالذكر أنه خلال 48 مباراة لعبت في دور المجموعات، انتهت 23 منها بخسارة
الفريق المستحوذ أو تعادله، مما وضح لنا أن الاستحواذ ليس شرطا أساسيا لكي يعطيك الأفضلية،
بل على العكس، أحيانا يكون سبب تعثرك وهزيمتك إن لم تحسن استغلاله أو إن لم يكن اللاعبين
قادرين على الاحتفاظ بالكرة كما يجب واستثمارها لأهداف.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire