صغير في السن، لكنه موهبة
خطفت الأضواء في أوروبا وأعلنت عن بزوغ نجم جديد في سماء عالم الساحرة المستديرة، بكل
تأكيد نتحدث عن فينيسيوس جونيور نجم ريال مدريد الشاب الذي يقدم عروض مميزة جدا، لكنه
يعاني من مشكلة خطيرة تهدد مستقبله إن لم يحسن التعامل معها، أو بمعنى أصح، إن لم ينجح
بالتعامل مع الضغوط التي تنتجها.
النجم البرازيلي الصاعد فينيسيوس انضم لريال مدريد في الصيف الماضي
بعد عام كامل من التعاقد معه، ولم تكن بدايته مشجعة بعد ان تم إرساله للعلب في الفريق
الثاني من قبل جولين لوبيتيجي، وبعد وصول سانتياجو سولاري، بدأ يعتمد على الجوهرة البرازيلية
بشكل تدريجي حتى بات أهم لاعب في الفريق والذي لا يمكن الاستغناء عنه أبداً.
الصحافة الإسبانية و الجماهير لم تكن متشجعة كثيرا لفينيسيوس في
البداية، وبعد غيابه عن الأضواء في بداية الموسم، ظن البعض أن حجم موهبته لا يسعفه
للعب مع الفريق الأول، أو على الأقل يحتاج للنضج والخبرة لكي يفعل ذلك، لكنه خالف كل
التوقعات وصدم الجميع بمستواه المتصاعد مباراة بعد الأخرى.
أقحم المدرب الأرجنتيني سانتياغو سولاري نجمه البرازيلي الشاب في
مباراتي كلاسيكو في نصف نهائي كأس الملك، وكان اللاعب عند حسن التوقعات من حيث المراوغات
وخلق الخطورة على مرمى الخصم، لكن في الوقت ذاته، لا يمكن تجاهل أنه أهدر على فريقه
فرصة الفوز في المباراتين بسبب قراراته السيئة في إنهاء الهجمات.
في القلعة البيضاء ريال مدريد، مطالبون بالتعامل بحذر شديد من صاحب
18 عام، والصحافة الإسبانية كذلك يجب أن لا تقسو عليه، وأن لا تبالغ بمديحه أيضا، فمثلا
لا يعقل أبداً وضعه في مقارنة من ليونيل ميسي، ليس لأن الأخير يلعب في مستوى بعيد عن
جميع اللاعبين وحسب، بل لأن مثل هذه المقارنات تضاعف الضغوط عليه وتجعل الجميع يرفع
سقف توقعاتهم عن ما سيفعله، ويتناسون أن اللاعبين في سنه يشاركون في المباريات ليتم
تجهيزهم للمستقبل فقط، وليس لنطالبهم بتسجيل هاتريك أو حسم مواجهات كبيرة مثل الكلاسيكو.
فينيسيوس في الحقيقة، ورغم الفرصة الكبيرة التي حصل عليها واستحقها
عن جدارة، ورغم التحول الكبير في مسيرته بظرف أشهر الذي يجعله أسعد شخص على هذا الكوكب،
إلا أنه يعاني من ضغوط كبيرة ربما لم يسبق لأي لاعب في التاريخ أن واجه مثلها في هذه
المرحلة العمرية.
لو رجعنا بالتاريخ ورصدنا انطلاقة أفضل النجوم البرازيليين في العصر
الحديث، سنجد أن الظاهرة رونالدو انتقل لبرشلونة في سن 20 عام، وكان قد لعب موسمين
مع أيندهوفين ساعداه كثيرا على التأقلم والنضج قبل الانتقال للمستوى الأول في عام الاحتراف،
بينما حصل نيمار على فترة كافية في سانتوس وعاش دور النجم الأول لأكثر من 3 سنوات في
البرازيل قبل انتقاله للبرسا في سن 21 عام، حتى روبينيو وصل إلى الريال في هذا السن
أيضا.
وبدون الحديث عن النجوم البرازيليين، بدأ النجم البرتغالي كرستيانو
رونالدو مسيرته بشكل مثالي، حيث لعب في فرق الهواة، ثم انتقل إلى سبورتنج لشبونة الذي
تدرج به في جميع الفئات السنية، بعد ذلك انتقل لمانشستر يونايتد، وكان ألسير أليكس
فيرجسون حكيما بالتعامل معه، فلم يكن يعتمد عليه في البداية كثيراً ولم يطالبه أحد
بأن يصبح أفضل لاعب في العالم من الموسم الأول ولا حتى الثاني.
هناك من سيقول ماذا عن ليونيل مسي؟ فقد بدأ مسيرته الاحترافية في
نفس السن تقريبا، حسنا، النجم الأرجنتيني حالة فريدة في كرة القدم وهو أعلى موهبة من
فينيسيوس بمراحل، لكن حتى ميسي، تدرج في الفئات السنية لبرشلونة قبل وصوله للفريق الأول،
وكان الاعتماد عليه بشكل تدريجي، والنقطة الأهم، أنه لم يكن مطالباً بشيء في البداية
كحال كريستيانو رونالدو، لأن الفريق كان مدججا بالنجوم، ويكفي ذكر اسم رونالدينيو الذي
كان النجم الأبرز في الساحة الأوروبية في ذلك الوقت.
البرازيلي فينيسيوس يواجه ما لم يواجهه أي موهبة اخرى في التاريخ،
فقد وصل منذ بضعة أشهر من البرازيل إلى فريق حقق لقب دوري أبطال أوروبا 3 مرات متتالية،
ومن المفترض أن يعوض كريستيانو رونالدو أفضل لاعب في تاريخ النادي، بالإضافة إلى كل
هذا، يعيش فريقه حالة سيئة للغاية على جميع الأصعدة، وجميع النجوم خفت بريقهم، وباتت
كل الأنظار مسلطة عليه وحده في كل مباراة.
بعد كل الفقرات السابقة في هذا المقال، يجب على الجميع أن يدرك أن
ما يقدمه هذا اللاعب أمر يفوق كل التوقعات، وما يتحمله من ضغوط ينم عن عقلية كبيرة
جدا قد تكون شبيعة لعقلية رونالدو وميسي، لكن في الوقت ذاته، لن يستطيع الصمود لأكثر
من ذلك إن لم يتحسن حال ريال مدريد في الموسم القادم وجلب نجوم آخرين حوله في خط الهجوم
لكي يلعب في ظلهم موسم أو اثنين، كما يجب توفير له حماية خاصة من الصحافة وما قد تفعله
به النجومية الهائلة التي تحصل عليها في وقت قصير، وربما يكون كيليان مبابي ذكيا بالبقاء
في الدوري الفرنسي البعيد عن الأضواء في هذا السن، فقد تدارك عقبات عديدة كان سيقع
بها.
صحيح أن فينيسيوس جينيور يهدر فرص عديدة، وتنقصه بالفعل اللمسة الأخيرة،
ويفتقد بالكثير من الأحيان للتركيز، لكن كل هذا طبيعي جدا بحم ما ذكرناه سابقاً فمجرد
أن يظهر بهذه الشخصية بملعب الكامب نو في أهم مباراة بالموسم، يؤكد هذا أنه موهبة فريدة
حقاً، ومسألة الحسم أمام المرمى تتطلب تدريب أكثر، لأن جميع اللاعبين في سنه كانوا
يعانون من نفس المشكلة تقريباً لكن بختلاف الدرجة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire